محمد دهشة
لم نصحو من هول الصدمة بعد، ماذا سأقول لك يا صلاح في اول ايام غيابك، ورحيلك كان مدويا وسريعا ومفجعا معا، ولم نكفكف الدمع بعد على ابو السعيد
ماذا سأقول لك اليوم يا صاحبي، الخسارة كبيرة.. لا تكفي، المصاب جلل.. كم نتمنى ان يكون الامر كابوسا، ننام ثم نصحو ويعود كل شيء كما كان طبيعيا، الوداع صعب والفراق مرير.
صلاح، يا قائد كما كنت احب ان اناديك بها دائما، الخسارة كبيرة ولا تعوض وعلى كل المستويات، شخصيا فقدت أخا ورفيقا وفيا، وقد تقاسمنا الالام والامال معا، الحلوة والمرة، وكلما اجتمعنا كان وجع النكبة ومرارة اللجوء ومعاناة الشعب في المخيمات وكيف سندعم بعضنا البعض بعيدا عن مؤامرات اليأس والاحباط، لندافع عن حقنا بالحياة بكرامة... وعن ارضنا وعن العودة الى فلسطين محررة.
حياتنا يا صلاح حلم عابر وقصير، رحلت باكرا وهذا قضاء الله وقدره، ولا نقول الا ما يرضي الله، انا لله وانا اليه راجعون، ولكنك ستترك سيرة عطرة واثرا طيبا لا يزول، كما ندوبا وذكريات كثيرة، في محطة الحياة المؤقتة.
بالامس، في موكب تشييعك، تداعت عائلتك الصغرى "اليوسف" كل اشقاؤك بكوا عليك بحرقة ومرارة من الكبير الى الصغير، ناظم لم يتمالك نفسه، للمرة الاولى أراه ضعيفا، لقد نكئت جراح الفراق، ولم يمضي على رحيل حبيبك "ابو السعيد" ستة اشهر، العائلة تماسكت حين كنت بينها ومعها واليوم مكلومة وحزينة فوق الوصف.
وعائلتك الكبرى "الجبهة" التي عشقت ونضالت في صفوفها طوال حياتك تفتقد غيابك، كما المنظمة" التي آمنت بشرعيتها وكل الفصائل الفلسطينية الوطنية منها والاسلامية، ومحبوك جاؤوا لوداعك من كل حدب وصوب، وهم يذرفون الدموع حزنا، كنت الحدث، الحاضر الغائب، يا عاشق فلسطين وصاحب الابتسامة التي لا تغيب، جنازتك كانت استفتاء على مدى محبتك واحترامك وحضورك، وقد نالتها كلها وبامتياز.
اخي صلاح... ليتك تسمع كلماتي، خسارتنا كبيرة ولا تعوض، لم تخسر عائلة اليوسف فقط فردا منها محبا فيها، ولا جبهة التحرير الفلسطينية قائدا مميزا ورمزا للوحدة ولا الفصائل والقوى الفلسطينية اخا ورفيقا، ولا القضية الفلسطينية مناضلا عنيدا، حتى القدس والاقصى خسرتا مدافعا صلبا عنهما، تماما كما مخيمات لبنان فقدت ركيزة من ركائز الامن والامان وداعيا لنبذ الفتن والخلافات، ستبقى تشهد لك ولشقيقه ابو السعيد على مواقفكم المشرفة في كل حين.
نعم، اخي، في موكب وداعك استذكر الجميع وقفاتك الوطنية، في اصعب الازمات من اللجنة الامنية الفلسطينية العليا الى خلية الازمة، الى المبادرات البعيدة عن الاضواء في اصعب اللحظات ومساع الحوار، لقد كانوا يودعونك وكأنهم يقولون الناقص حضورك لا غيابك الذي استبدل بشرف الشهادة في سبيل فلسطين التي كانت حاضرة وستبقى في تاريخك خالدة وناصعة الشرف والوفاء.
خسارتنا كبيرة ولا تعوض وقد نعتك صيدا، رفيقة درب نضال عين الحلوة، صيدا الانصهار اللبناني – الفلسطيني، صيدا المقاومة والدفاع عن فلسطين وشعبها، لقد نعتك مختلف قواها السياسية الوطنية والاسلامية ومراجعها الروحية الشخصيات الاجتماعية والعائلية وجاؤوا الى منزل شقيقك ناظم ليقدموا العزاء وسط الحزن والحداد، ستفتقدك صيدا كما عين الحلوة وكل المخيمات.
اما رفيقك، الامين العام الدكتور واصل، فقد حضر على عجل من ارض الوطن فلسطين، حاملا لك تحية الشهداء والجرحى ونضال المرابطين في ارضها وتعازي قيادتها الرسمية والسياسية ليقف الى جانب العائلة في مصابها الجلل وقد استذكرنا معنا مواقفك ومحبتك واحترامك وحضورك الذي لن يغيب.
والى عائلتك الحاجة "أم سعيد" وسعيد ومحمود وكل البنات أصدق العزاء والصبر والسلوان، فالخسارة كبيرة جدا وثقيلة... كان الله معهم وبعونهم.
سلام عليك يا صاحبي عليك واليك، ستبقى تعطينا الامل وسط اليأس والعزيمة وسط الظلام... حتى العودة بإذن الله ونحن نستذكر موقفك ان حياتنا كلها معلقة بفلسطين من الولادة الى الشهادة.
سلام يا صاحبي عليك واليك.. سنفتقدك جميعا… وسنفتقد ابتسامتك الدائمة ولن ننساك.