تقرير بن غفير يستكمل «حربه الدينية»: لإقامة كنيس في “الأقصى”!..
الاخبار | 2024/08/27
يستمرّ وزير الأمن القومي “الإسرائيلي”، إيتمار بن غفير، في التحريض على المسجد الأقصى، والتعبير عن نوايا الاحتلال ومخططاته في الحرم القدسي. وممّا أعلنه الوزير المتطرف لإذاعة جيش العدو، أنه يدعم بناء كنيس داخل «الأقصى»، وأن «السياسات المتّبعة تسمح لنا بالصلاة» فيه.
وقال: «لو تمكّنت من القيام بما أريد، لأقمت كنيساً أيضاً في جبل الهيكل»، وأنه لن يمنع المسلمين من الصلاة في باحة حائط البراق، لأن «الجميع سيقولون إن هذه عنصرية، لكنّ المسلمين لا يعترفون بقدسية حائط المبكى»، مضيفاً أنه خلافاً لسياسة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، فإن سياسته تسمح بصلاة اليهود في المسجد. وتابع: «لو قلت إنه يحظر على المسلمين الصلاة، لقتلتموني».
وإذ لا يعارض قادة الاحتلال جوهر تصريحات بن غفير، لكنهم يدركون أن الإدلاء بها بذلك الشكل، وفي هذا التوقيت خصوصاً، من شأنه أن يزيد من حدّة الضغوط على “إسرائيل”، في وقت تسعى فيه الأخيرة إلى تقليل الانتقادات، ولا سيما من الأطراف الدولية، في ظلّ سعيها لمواصلة العدوان على قطاع غزة، وتحسبها إمكانية توسعته إلى حرب على جبهات أخرى. لكنّ الوزير المتطرّف يراكم الضغوط على نتنياهو، الذي يُتّهم من قِبَل خصومه داخل “إسرائيل” بأنه بات خاضعاً بالكامل لسياسات المتطرّفين، أمثال بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، للحفاظ على ائتلافه الحكومي.
وقوبلت تصريحات بن غفير بانتقادات من جانب أركان الحكومة والمعارضة على السواء، انطلاقاً من إدراكهم لما قد تجلبه من توبيخ دولي؛ إذ انتقد زعيم المعارضة “الإسرائيلية”، يائير لابيد، تصريحات وزير الأمن القومي، قائلاً إن «المنطقة كلّها ترى ضعف نتنياهو أمام بن غفير، فهو غير قادر على السيطرة على حكومته حتى عندما تكون هذه محاولة واضحة لتقويض أمننا القومي، لا توجد سياسة ولا استراتيجية ولا حكومة حقاً».
أما وزير الداخلية “الإسرائيلي”، موشيه أربيل، من «حزب شاس»، فحذّر من تداعيات تلك التصريحات على تحالفات “إسرائيل”، قائلاً: «على رئيس الحكومة العمل فوراً من أجل وضع حدّ لبن غفير بخصوص أقواله هذا الصباح حول جبل الهيكل. وأقواله العديمة المسؤولية تشكّل خطراً على تحالفات “إسرائيل” الاستراتيجية مع دول إسلامية تمثّل تحالفاً في الصراع ضدّ محور الشر الإيراني“.
من جهته، قال رئيس كتلة «المعسكر الوطني»، بيني غانتس، إنه «لا أحد لديه توقعات من الوزير بن غفير، ولا من رئيس الحكومة الذي يسمح للمريض بإشعال الحرائق، وعديم المسؤولية بجرّنا نحو الهاوية مقابل هدوء سياسي. لكن يوجد في هذه الحكومة وفي الائتلاف أيضاً جهات مسؤولة، والشعب يتوقّع منكم أن تفعلوا شيئاً. التنديد والكلام الجميل لا يكفيان هنا، والتاريخ سيحكم عليكم لأنكم كنتم جزءاً من هذه الحملة الخطيرة».
وحذّر وزير الخرب، يوآف غالانت، بدوره، عبر «إكس»، من خطورة أقوال وزير الأمن القومي، ومن أن «تقويض الوضع الراهن في “جبل الهيكل” هو عمل خطير، لا ضرورة له وعديم المسؤولية. وأفعال بن غفير تشكّل خطراً على الأمن القومي لدولة إسرائيل وعلى مكانتها الدولية“.
وفي الوقت الذي لا تلجم فيه حكومة الاحتلال، بن غفير عن اقتحام «الأقصى» وإطلاق التصريحات المثيرة للجدل من هناك، فهي تكتفي بعبارة تكرّرها دوماً، وهي التزامها «بالوضع الراهن في المسجد الأقصى»، وأنها «لا تدعم أيّ تغيير».
وسبق للوزير نفسه أن أَطلق، الشهر الماضي، تصريحات قال فيها إنه سيسمح للمستوطنين بأداء الصلوات داخل الحرم، خلافاً للوضع الراهن السائد في المسجد منذ الاحتلال “الإسرائيلي” لشرق القدس عام 1967. وتبلور مصطلح «الوضع الراهن» عقب احتلال “إسرائيل” لكامل مدينة القدس في عام 1967، وقد صاغ وزير الأمن “الإسرائيلي” آنذاك، موشيه ديان، قرار «الوضع الراهن»، الذي أعلن فيه المسجد الأقصى وقفاً إسلامياً، للأردن حق الوصاية عليه من ناحية الإبقاء على موظفي الأوقاف التابعين له هناك، وأن “إسرائيل” «ستسمح لليهود بزيارة المسجد من دون الصلاة فيه، فيما تتولّى المهام الأمنية الشرطة “الإسرائيلية” من دون أن تتواجد داخل المسجد».
وبينما تتبجّح حكومة الاحتلال إعلامياً بمحافظتها على «الوضع القائم» في «الأقصى»، فقد باتت كاميرات المقدسيين ترصد مجموعات المستوطنين الذين يقتحمون الحرم، حيث يؤدّون طقوساً دينية داخل باحاته بحماية عناصر الشرطة.
وفي كل مرّة، تثير اقتحامات بن غفير وتصريحاته في شأن تغيير الوضع القائم في «الأقصى» ردود فعل وانتقادات دولية لإسرائيل، وهو ما لا يريده نتنياهو في هذه المرحلة على الأقل، حيث وصفت الأمم المتحدة اقتحام بن غفير، المسجد، بأنه «استفزاز لا يجدي»، وأبدت معارضتها أيّ تغيير في الوضع الراهن.
كما دان منسق السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، «استفزازات بن غفير»، مؤكداً أن قادة الاتحاد ملتزمون «بالحفاظ على الوضع الراهن، بما في ذلك ما يتعلّق بدور الأردن الخاص». أيضاً، عارضت الولايات المتحدة اقتحام الوزير اليميني، «الأقصى»، في الـ13 من آب، باعتباره «تجاهلاً خالصاً للوضع التاريخي الخاص بالأماكن المقدّسة في القدس»، فيما «تؤدي هذه الأعمال الاستفزازية إلى تفاقم التوترات“.
ويضع بن غفير ملف القدس على رأس أجندة وزارته، إلى جانب ملف الأسرى، وهو يستعرض من خلالهما فاشيته ووجوده في الحكومة والشارع “الإسرائيليَّيْن”، ويحاول تكريس نفسه قائداً لعملية تغيير الوضع القائم في مدينة القدس، وتنصيب ذاته زعيماً لليمين المتطرف. ولا يبدو تصريح بن غفير بنيته إنشاء كنيس في المسجد الأقصى منفصلاً عن بقية الدعوات المتطرفة، بل جزءاً من منظومة فاشية متكاملة، تشي بما يحاك للحرم القدسي من مخططات.
فمنذ أشهر، ارتفعت الدعوات من أجل إحراق البقرات الحمر ونثر رمادها في الأقصى بعد اكتمال مواصفاتها، وهو ما يمهّد لاقتحامات واسعة، ومن ثم البدء بإقامة الهيكل المزعوم. (المصدر: الأخبار)