مطعم المستشار في صيدا: مبادرة سامي بقاعي في احتضان النازحين اللبنانيين

محمد دهشة

لم تتوانَ المبادرات الجماعية والفردية الفلسطينية في صيدا عن استيعاب تداعيات موجة النزوح اللبناني من قرى وبلدات الجنوب، مع تصاعد العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الأحياء السكنية وأجبر آلاف العائلات على النزوح إلى صيدا ومنطقتها وصولاً إلى بيروت.

بين رحلة النزوح والاستقرار في مراكز الإيواء أو لدى الأقارب والأصدقاء، وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، برز مطعم “المستشار”، الذي يملكه رجل الأعمال سامي بقاعي، كنموذج لمبادرة إنسانية فردية لمساندة النازحين وقت الشدة والضيقة.

منذ اللحظات الأولى للنزوح، استنفر بقاعي طاقمه لتقديم المساعدات المختلفة، بدءًا من الترحيب بالنازحين كرسالة تضامن، مرورًا بتوزيع المياه والوجبات السريعة والحلويات للأطفال الذين علقوا في سياراتهم لساعات طويلة بسبب الازدحام في طريقهم من صيدا إلى بيروت.

وهذه المبادرة ما زالت مستمرة بأشكال مختلفة؛ فمطعم “المستشار” في حالة استنفار دائم، حيث يشرف بقاعي على فريقه الذي يعمل على مدار الساعة لإعداد وجبات الطعام الساخنة. عند ظهيرة كل يوم، تنتصب موائد الضيافة أمام مدخلي المطعم من جهة الكورنيش البحري غربًا وشارع رياض الصلح شرقًا، وهي متاحة لكل من يحتاج. بالإضافة إلى ذلك، يتم تحضير آلاف الوجبات وتوزيعها على مراكز الإيواء في صيدا، بالتنسيق مع خلية إدارة أزمة الطوارئ والكوارث، فضلاً عن تقديم الطعام للعائلات المتعففة التي تقيم في منازل لدى أصدقاء أو أقارب أو معارف.

بقاعي الذي يفضل البقاء بعيدا عن الاعلام، يؤمن بأن هذه المحنة ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، ويرى أن الشعب الفلسطيني، من خلال مبادراته، يُظهر أصالة الوفاء للشعب اللبناني. فالشعبان يتشاركان في وحدة المسار والمصير، ويجمعهما الدم والتضحيات والمعاناة المشتركة.

هذه المبادرة تحمل رسالة إنسانية عميقة تعكس احتضان الشعب الفلسطيني لإخوته اللبنانيين في محنتهم، وتؤكد على وحدة المصير. فلبنان بمقاومته وصموده كان دائمًا سندًا للقضية الفلسطينية، واليوم جاء دور الفلسطينيين لرد الجميل.

وصيدا، التي احتضنت القضية الفلسطينية، لا تزال رمزًا للوحدة والتضامن، حريصة على دعم اللاجئين حتى العودة واستضافة النازحين الجنوبيين بأفضل طريقة، وبقاعي، بمبادرته الفردية إلى جانب مبادرات كثيرة فردية منها وجماعية وأهلية، يعكس هذا النهج من الوفاء، مدركًا عمق التضحيات التي قدمتها صيدا والجنوب اللبناني ولبنان في سبيل دعم فلسطين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى