محللان للجزيرة نت: رسائل “قوية” لنعيم قاسم عن دعم غزة واستعداد حزب الله
بيروت- أطل نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله بكلمة مسجلة للمرة الثالثة خلال 15 يوما، استعرض فيها الخطوط العامة للمرحلة المقبلة، وخيارات الحزب في ظل الحرب الإسرائيلية على لبنان، سواء عبر التصعيد أو التوصل إلى اتفاق، كما وجه رسائل محددة لمقاتليه وللشعب اللبناني والطائفة الشيعية.
وتعتبر هذه الإطلالة الثالثة لنعيم قاسم، فقد ظهر لأول مرة بعد اغتيال الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله بـ3 أيام في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، ليؤكد استمرار مسيرة الحزب بقوة أكبر، وجاهزية المقاتلين لصد التوغل الإسرائيلي البري.
أما في الإطلالة الثانية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس، فبعث بعدد من الرسائل إلى جهات متعددة، مؤكدا أن الحزب يتمتع بوضع قوي على الصعيدين السياسي والعسكري.
مضامين
وفي الخطاب الثالث لنائب الأمين العام لحزب الله اليوم الثلاثاء، أكد قاسم على 4 عناوين رئيسية:
- الانتقال من جبهة الإسناد إلى الحرب: موضحا أن هذا الانتقال بدأ في 17 سبتمبر/أيلول الماضي بعد عملية تفجيرات أجهزة “البيجر”، وما تبعه من اغتيال السيد نصر الله في 27 من الشهر نفسه، وأكد أهمية خوض المعركة حتى النهاية لتحقيق النصر.
- الحق باستهداف “الكيان الصهيوني”: حيث شدد على أن الحزب له الحق باستهداف أي نقطة داخل الجانب الإسرائيلي بعد كسر قواعد الاشتباك السابقة، سواء في الشمال أو الوسط أو القلب، معتبرا أن كل النقاط أصبحت مفتوحة.
- سيناريو المرحلة المقبلة: تناول فيه احتمال الحرب أو الاتفاق، موضحا أنه إذا واصلت إسرائيل الحرب، فإن قصف المستوطنات سيتسع، في إشارة واضحة إلى إفشال المخطط الذي رفعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم.
- قوة الحزب رغم الضغوط: أكد قاسم أن الحزب لا يزال قويا، رغم الضغوط والاغتيالات التي تعرض لها، مشددا على استعادة العافية وتوفر البدائل، وأن كل مركز قيادي له بديل.
إستراتيجية المقاومة
يعتبر الأستاذ في العلاقات الدولية والمحلل السياسي علي مطر أن كلمة نائب الأمين العام لحزب الله كانت ذات أهمية بالغة من حيث الشكل والمضمون، “فقد بدا الشيخ مرتاحا تجاه مجريات المعركة، وكان متيقنا من قدرات المقاومة رغم التضحيات، وأظهر إيمانه بالنصر، مؤكدا أن المقاومة لن تُهزم مهما كانت الظروف”.
ويرى مطر -في حديثه للجزيرة نت- أن الكلمة تضمنت مجموعة من الرسائل المهمة، إذ تحدث قاسم عن “مواجهة العدو وبدء معركة الدعم مع قطاع غزة”، موضحا النوايا الإسرائيلية ومشاريعها المدعومة من الجانب الأميركي في كافة المنطقة.
كما أراد قاسم من خلال كلمته أن يمهد الطريق لفهم أن “مواجهة هذا العدو المجرم ضرورية”، حيث إن عدم المواجهة سيجعل الأمور تحت سيطرته، مما يؤدي إلى زيادة التهديدات، وفق المحلل.
وعند الحديث عن موقف حزب الله، أشار مطر إلى تطرق نعيم قاسم أيضا لجبهة الإسناد، موضحا سبب اختيار حزب الله لهذا الخيار، إذ إنه أراد إزالة الشكوك حول دعم المقاومة لقطاع غزة، خاصة في ظل الأسئلة المطروحة من بعض الذين يرون أن دعم المقاومة أدى إلى اندلاع الحرب في لبنان، فقد ذكر قاسم أن الإسرائيلي هو من يسعى للاحتلال، سواء في غزة أو في لبنان، وأنه هو الذي شن عدوانه على لبنان.
وفيما يتعلق بقوة المقاومة، أكد مطر أن قاسم تناول نقاطا مهمة بشأن ما تملكه المقاومة من أسلحة إستراتيجية، تضمن استمرارها في المعركة، “فقد استعادت المقاومة قوتها وقيادتها، وعادت لتلملم شتاتها”، وأوضح أن “الجبهة تتسم بالمعرفة والقدرة على القيادة، مع استبسال منقطع النظير من قبل المقاومين، الذين يستعدون للتضحية والشهادة”.
وعن الرسائل التي وجهها قاسم للجانب الإسرائيلي، يوضح مطر أنه أرسل رسالة مهمة مفادها “أن الاحتلال لن ينجح في منع صواريخ المقاومة وطائراتها المسيرة”، وأكد أن المستوطنين يجب أن يدركوا أنهم لن يعيشوا في أمان، حيث أشار إلى أن حيفا ستصبح غير آمنة، مما سيؤدي إلى تهجير الآلاف، وأنه وفقا لمجريات المعركة، فقد تخطت الاستهدافات حيفا وصولا إلى تل أبيب، وقد تصل إلى أبعد من ذلك.
وأشار مطر إلى تأكيد الشيخ نعيم قاسم على أن العدو لا يمكنه استخدام لبنان كوسيلة لعدوانه، “فالسلام وعودة الأمن للمستوطنين يتطلبان عدم الاعتداء على لبنان”، كما أكد عدم احترام إسرائيل لقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، وأن هناك تواطؤا من بعض القوى الدولية، بينها الولايات المتحدة.
وفي إطار الرسائل الموجهة إلى الشعب اللبناني، يشير مطر إلى أن مفادها أن المشاريع الخارجية لن تنجح، ولا يمكن تحقيق أي مشروع تحت التهديد الإسرائيلي، وأكد ضرورة الصبر والتحمل، مشددا على أن تكلفة المواجهة ستكون أقل بكثير من عدمها، كما أعرب عن التزام حزب الله بدعم المجتمع اللبناني في إعادة بناء ما تهدم من منازل، مشددا على أن الحزب لن يتخلى عنهم.
وبهذا، يعتقد علي مطر أن كلمة الشيخ نعيم قاسم تمثل تراكما للكلمات السابقة، ويمكن اعتبارها الأهم حتى الآن، “فقد بدا الشيخ مرتاحا جدا في تعبيره”، ووضعت كلماته النقاط على الحروف وحددت الخطط المستقبلية لإستراتيجية المقاومة في مواجهة العدوان.
حرب مفروضة
يرى الباحث والمحلل السياسي حسن شقير أن كلمة نعيم قاسم احتوت على رسائل موجهة إلى عدة أطراف، إذ اعتبر أن الرسالة الأولى كانت توضيحا للأسباب التي دفعت المقاومة لدعم جبهة غزة، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على فلسطين ولبنان، وذكر أنها كانت موجهة لكل من يتساءل عن سبب مشاركة حزب الله في هذه المعركة ووقوفه إلى جانب غزة.
وأكد شقير -في حديثه للجزيرة نت- أن الحزب قدم حججا وبراهين تُظهر ضرورة هذه المساندة، مشيرا إلى أنه لو لم يكن هناك ذلك، لكانت حلقات “محور الممانعة” قد تعرضت للهجوم واحدة تلو الأخرى.
وأشار شقير أيضا إلى تصريحات رئيس الأركان هرتسي هاليفي التي أطلقها بعد يومين من انطلاق عملية طوفان الأقصى وبداية العدوان على قطاع غزة، إذ قال إنهم سيطبقون الدروس المستفادة من لبنان، كما ذكر ما تحدث به نتنياهو بعد لقائه مع الرئيس الأميركي جو بايدن، عن ضرورة تغيير المعادلات في المنطقة.
كما ذكّر باعتراف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بأنه كان يعتزم شن هجوم استباقي على لبنان، واعتبر شقير أن هذه التصريحات تؤكد أن العدوان لم يكن خيارا لبنانيا، بل فُرض على لبنان.
وفيما يتعلق بالرسالة الثانية، أشار شقير إلى موقف حزب الله الثابت بأن هذه الحرب فُرضت عليه، ولم تكن خيارا له، حيث سعى الكيان الإسرائيلي إلى شن حرب بلا حدود أو ضوابط، وأكد أن حزب الله مستعد لخوض هذه الحرب بكل إمكانياته وقدراته العسكرية التي لا تزال سليمة.
وأوضح شقير أن قاسم أعلن بوضوح أن الحرب لن تتوقف إلا بعد إقناع الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأن العودة إلى الشمال لن تحدث إلا بوقف العدوان والتوصل إلى اتفاق غير مباشر، دون دخول في تفاصيل هذا الاتفاق، ورأى شقير أن هذا الموقف يعكس توافقا موحدا بين الدولة اللبنانية والمقاومة، وكل الأطياف السياسية في لبنان.
أما الرسالة الثالثة التي ركز عليها المحلل السياسي في كلمة قاسم، فكانت توجيه الشكر إلى جميع البيئات الحاضنة للمقاومة، حيث أشار قاسم إلى معاناة البيئة القريبة من المقاومة نتيجة النزوح والتهجير، وأنه رغم حجم الدمار الكبير، فقد وعد الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله بذلك سابقا، وأكده اليوم نائبه، بأن إعادة الإعمار ستجعل المباني التي دُمّرت أكثر جمالا مما كانت عليه.
وذكر شقير أن الحزب بدأ بالفعل العمل على هذا الأمر، كما فعل بعد حرب 2006، حيث كان يُحضر الملفات اللازمة لإعادة الإعمار.