ما هي التحديات الصحية التي يواجهها الفلسطينيون في لبنان في ظل الحرب؟

مازن كريّم -قدس برس

يعيش اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان، ظروفاً معيشيةً صعبة للغاية، وفي ظل ظروف الحرب، تُرك اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات جنوبي لبنان يواجهون مصيرهم، حيث يعانون من نقصٍ حاد في الخدمات الأساسية، بينما تزداد مخاوفهم مع استمرار القصف الإسرائيلي.

وأفادت مصادر فلسطينية، في تصريحات خاصّة لـ”قدس برس”، اليوم السبت، أن بعض المشافي اللبنانية باتت تطلب من جرحى ومصابي الحرب من اللاجئين الفلسطينيين دفع تكاليف العلاج، بعد اكتفاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بدفع ما نسبته 60 في المائة فقط من الفاتورة الإجمالية.

وفي هذا الإطار، قال الكاتب والباحث الفلسطيني، أحمد الحاج، إنّ “هناك سلسلة تحديّات صحيّة تواجه اللاجئ الفلسطيني في لبنان، ولعلّ أكثرها يبرز في الفترة الحاليّة التي تشهد فيها الأراضي اللبنانية حالة حرب كبيرة ومدمّرة”.

وأضاف الحاج، في تصريح خاص لـ”قدس برس”، أنّ “الأزمة الاقتصادية الخانقة التي شهدها لبنان في الفترة التي سبقت الحرب الحاليّة انعكست بشكل كبير على جميع القطاعات، ولكنها انعكست بشكل مباشر على واقع معيشة اللاجئين الفلسطينيين على امتداد الأراضي اللبنانيّة، إذ أنّ العشرات من الحالات الصحيّة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين امتنعت عن شراء بعض الأدوية التي يحتاجونها لعلاج أمراضهم المزمنة، نظرا لارتفاع تكاليف الاستشفاء، ما دفع بالمبادرات الشبابيّة إلى تأمين هذه الأدوية، وخاصًّة أنّ عدم تأمينها للمرضى قد يؤدّي إلى فقدان حياتهم”.

وأشار إلى أنّ “ثاني هذه التحديّات التي تواجه اللاجئ الفلسطيني في الفترة الحاليّة هي أنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في لبنان عمدت إلى إغلاق عياداتها في مخيّمات مدينة صور جنوب لبنان، وبالتالي حرمان عشرات وربّما مئات المرضى من أبناء المخيمات من الحصول على أدويتهم الشهريّة”.

ولفت إلى أنّ “ثالث هذه التحدّيات هو عمل وفعالية المستشفيات التابعة لجمعيّة الهلال الأحمر الفلسطيني في المخيّمات الفلسطينيّة وتحديدا مستشفى “تل الزعتر” في مخيّم الرشيديّة بمدينة صور جنوب لبنان والآخر مستشفى “حيفا” في مخيّم “برج البراجنة” في العاصمة اللبنانية بيروت والتي فقدت جزءا من طاقمها الإداري نظرا للأسباب الأمنيّة وخاصّةً بعد تحذيرات جيش الإحتلال الإسرائيلي بوجوب إخلاء عددا من المناطق من بينها مخيّم الرشيديّة ومنطقة “برج البراجنة”، وهذا ما يعكس صعوبة نقل أي معدّات طبيّة إليها”.

وأضاف أنّ “رابع تحدّ يمرّ به الجرحى والمصابون من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هو عدم إدراج اللاجئ الفلسطيني ضمن خطّة الطوارئ التي وضعتها وزارة الصحّة اللبنانية في لبنان لعلاج الجرحى والمصابين جرّاء الغارات الإسرائيليّة التي تستهدف المناطق اللبنانية على نفقة الوزارة”.

وأوضح الحاج أنّ “التجربة كشفت أنّ وكالة “أونروا” لم تتجهّز بما فيه الكفاية لمثل هذه الحالات، بل اتكأت على جهود المؤسسات الأهليّة المحليّة تحت ذريعة عدم وجود تمويل كافي، وبالتالي فإنّها لم تضع خطّة طوارئ لكل مخيّم على حِدا، بل عملت على نقل ثقلها إلى مناطق بعيدة، وعلى وجه الخصوص الى منطقة الشمال وهي منطقة لا قدرة على جميع اللاجئين الفلسطينين الانتقال إليها، إلى جانب أنّها لا تستوعب هذه الأعداد من اللاجئين”.

فيما أكد مسؤول اللجان الأهلية في المخيمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان، محمد الشولي، على أنّ “الواقع الصحّي للاجئين الفلسطينيين في لبنان يزداد سوءا يوماً بعد يوم نتيجة الحرب القائمة، وخاصةً بعد سحب وكالة “أونروا” موظفيها من المخيمات الجنوبية، بدلاً من أن تضاعف تقديماتها وخدماتها لهم في ظل حالة الطوارئ والحروب”.

وأشار الشولي في تصريح خاص لـ”قدس برس” إلى أنّ “المريض الفلسطيني الذي لا يزال يعيش في مخيمات الجنوب وعلى وجه الخصوص مخيمات مدينة صور إذا أراد التوجّه إلى أي مستشفى أو أن يأخذ تحويلاً أو ما شابه، فإنّ مستشفيات الجنوب لا تستقبل أيّ حالة مرضيّة سوى حالات الجرحى والمصابين من الغارات الإسرائيلية”.

وأضاف أنّ “هناك عشرات الحالات المرضيّة في المخيمات من بينها ذوي الأمراض المزمنة يحتاجون إلى تأمين أدويتهم الشهرية من عيادات وكالة “أونروا” التي أغلقت أبوابها، وهو ما دفع بالمبادرات إلى تأمين بعضاً منها، إلى جانب أننا كلجان أهلية في المخيمات إلى جانب المؤسسات والشخصيات الفلسطينية طلبنا من إدارة وكالة “أونروا” ضرورة إرسال فريق طبي لمواكبة المرضى وتأمين أدويتهم، وإلى الآن لا يوجد أي تنفيذ لهذا النداء”.

وحذّر الشولي مِن “تكرار ما قامت به وكالة “أونروا” في قطاع غزة عندما سحبت موظّفيها وعملها من شمال القطاع، وتركت اللاجئين الفلسطينيين لوحدهم، وهو ما يضع اللاجئين الفلسطينيين في واقع مرير وصعب ينبغي التحرك العاجل والسريع من أجل تدارك الموقف”.

يأتي ذلك فيما تواصل قوات الاحتلال منذ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي عدوانها الشامل على لبنان والعاصمة بيروت، بشن غارات جوية غير مسبوقة، كما بدأت توغلا بريا في جنوبه مخالفةً بذلك التحذيرات الدولية والقرارات الأممية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى