طلال ارقدان: مصطفى سعد…رمز المقاومة الذي حمى بعينيه المطفأتين السلم الاهلي والعيش الوطني الواحد
بقلم: طلال ارقدان
تمرُّ ذكرى ارتحالك، أبا معروف، والوطنُ يخرجُ لتوِّه من حربٍ همجيةٍ إسرائيليةٍ ماحقة، خلَّفت آلافَ الشهداء وأضعافَهم من الجرحى، فيما مُحيت قرىً وبلداتٌ عن خارطةِ الوطن. مقاومون استبسلوا عند الخطوطِ الأمامية، قدَّموا أرواحهم فداءً للوطن، لكنَّ الحربَ كانت كبيرةً وطاحنة، استُشهدوا واقفين كالبَواسقِ من الشجر، ولم يَستسلموا. وإنْ لم يستطيعوا كسرَ معادلاتٍ كُبرى، دوليةً وإقليمية، إلَّا أنَّهم بلا شكٍّ باقون في ذاكرةِ الوطنِ المُجهَدة، عَلَّ أجيالًا جديدةً تعتبرُ من تضحياتهم، فتعودُ لتحملَ رايةَ الكفاحِ ضدَّ عدوٍّ همجيٍّ غاشم، وتنتصرَ لسيرةِ مقاومةٍ بدأها معروف سعد، الذي قاتلَ في فلسطينَ مرارًا وتكرارًا. باكرًا وعى خطرَ الاستيطان، فامتشقَ السلاحَ مع ثُلَّةٍ من أبناءِ المدينة، ليلتحقَ بالهبةِ الفلسطينيةِ عامَ 1936، ثمَّ قاتلَ في المالكية عامَ النكبة، وظلَّ وفيًّا للقضيةِ الفلسطينيةِ حتى استشهادهِ عامَ 1975.
ومذَّاك، حملتَ عنه، يا أبا معروف، رايةَ فلسطينَ والمقاومة، فناضلتَ وقاومتَ حتى استهدفكَ العدوُّ بمفخخةٍ حاقدةٍ اقتلعتْ عينيكَ، لكنَّها لم تقتلعْ من قلبكَ إيمانَكَ بالمقاومةِ وفلسطين، الذي ظلَّ مُقيمًا في وجدانِك إلى يومِ ارتحالِك عامَ 2002.
اليومَ، نستعيدُ في ذكرى التفجيرِ الإسرائيليِّ الغادرِ وقفاتِكَ البطولية، وكيفَ أحبطتَ بدمِكَ مخطَّطاتِ العدوِّ في زرعِ الفتنةِ الطائفيةِ في صيدا ومنطقتِها. افتديتَ السِّلمَ الأهليَّ بعينيكَ، ودُحِرَ العدوُّ على يدِ المقاومينَ الأبطال، انتصرتِ المقاومةُ، وانتصرَ معها العيشُ الواحدُ الذي رسَّختَهُ بدمِكَ، واستمرَّ يتعزَّزُ كلَّ يومٍ بوحيِ نضالاتِك وبطولاتِك وتضحياتِك.
عهدًا، أبا معروف، أنْ نبقى أوفياءَ لإرثِك النضاليِّ الوطنيِّ، وعلى صونِ القضيةِ الفلسطينيةِ التي آمنتَ بها مذْ كنتَ فتىً يافعًا حتى لحظةِ ارتحالِك.