الشيخ ماهر حمود نحن على عتبة عصر اميركي صهيوني جديد وعلينا المواجهة

قال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود في خطبة الجمعة من على منبر مسجد القدس فس صيدا اننا على عتبة عصر اميركي صهيوني جديد “يتحلى” بكل صفات الكبرياء والغطرسة والانانية، فاما ان نوحد الصف ضده مؤكدين ان المؤامرة الصهيونية الاميركية تريدنا جميعاً مقاومين و “مسالمين”، تريد اجتثاثنا او الغاءنا او الحاقنا بالمشروع عبيداً صاغرين، فاما ان نواجه واما ان نحضّر انفسنا لما يشبه الفناء والزوال، وهذا لن يحصل يقيناً باذن الله.
واضاف الشيخ حمود “أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (النازعات 24) لقد وردت هذه الآية في القرآن الكريم على لسان فرعون، الذي قُدّم في القرآن الكريم وفي الكتاب المقدس كرمز للاستكبار والاستعلاء على خلق الله والاستخفاف بقدرات الآخرين ، فكانت العقوبة الالهية صاعقة (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40)) (القصص)، وكذلك قوم عاد الذين كانوا في زمانهم اقوياء ببنياهم واسلحتهم المحدودة: فتساءلوا باستهزاء واستعلاء (من اشد منا قوة) (فصلت 15)، فكانت عقوبتهم ريحاً صرصراً عاتية، وكان من جملة عقابهم انهم دفنوا تحت رمال اليمن، ولم يعلم مكانهم حتى الآن، استهزاء بهم واستخفافا بشأنهم، والجزاء من جنس العمل، وكذلك ثمود الذين كانوا يتباهون بما حفروه في الصخور وانشأوا فيها بيوتا فارهة فكان عاقبتهم صرخة قاتلة … الخ.
واما الفرعون الصغير (ابو جهل) فسلط الله عليه في غزوة بدر اقل الصحابة شأنا في ميدان الحرب والانتماء القبلي، فقتله ابن مسعود، الهزيل الضعيف، بعد ان أُسقط عن فرسه بضربة من شابين لم يتجاوزا العشرين من العمر.
واما قارون الذي كان كبرياؤه نابعاً من ثروته الملوثة بالمعاصي والآثام، فخسف الله به وبداره الارض، ولا تزال بحيرة قارون في مصر في الفيوم تشهد الى اليوم على ذلك الحدث التاريخي الهام.
هذا نموذج من القرآن الكريم ومن التوراة عن عقوبة المستكبرين، ولقد ورد في التوراة، ان الله عاقب البشرية جميعاً عندما عمروا برج بابل ليقاتلوا الخالق، فبلبل الله السنتهم بما يشبه قصة فرعون والبرج الذي بناه ليقتل اله موسىى في القرآن الكريم، كما ورد وصف فرعون في العهد القديم بما يشبه القرآن: فَقَالَ فِرْعَوْنُ: «مَنْ هُوَ الرَّبُّ حَتَّى أَسْمَعَ لِقَوْلِهِ فَأُطْلِقَ إِسْرَائِيلَ؟ لاَ أَعْرِفُ الرَّبَّ، وَإِسْرَائِيلَ لاَ أُطْلِقُهُ (سفر الخروج 5: 2).
ان الرئيس ترامب يمثل اليوم هذا النموذج الذي يستخف بالشعوب ويتحدث عنهم كعبيد واتباع وكمستهلكين فقط للانتاج الاميركي، ويرفع شعارات غير قابلة للتطبيق كالاستيلاء على قناة بنما وضم كندا، والسيطرة على غرين لاند، وهو سابقا كان قد توعد بأن يدفع الشعب المكسيكي تكلفة الجدار، فلم يحصل ذلك ولم يتم بناء الجدار ولم يدفع شعب المكسيك فلساً، وهم اليوم يهددون ترامب بمقاطعة الانتاج الاميركي…الخ، كما اصدر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية التي يُعهد اليها بمحاسبة المجرمين الدوليين… الخ
ولقد قرأنا في جريدة الاخبار، على سبيل المثال، نكتة رائجة في اميركا اليوم، ان ترامب يقول لرب العالمين انك تجلس مكاني، كما ان كثيرا من البرامج الاميركية تسخر من قرارات ترامب الخيالية، وكذلك كثير من الشيوخ الاميركيين وكثير منهم اكثر ولاء للصهيونية من ترامب نفسه، يهزؤون من هذه القرارات الفوقية.
طبعا، ان الوقاحة الكبرى هي في حديثه عن غزة، وتهجير اهلها وتحويلها الى منتجعات سياحية، وهو وفريق عمله يعلمون تماما ان هذا مستحيل، ولكن جنون العظمة لديه اوصله الى هذا الموقف السخيف، الذي لا بد ان ينتهي بضربة ربانية، والله تعالى اعلم، كما انهى الله المستكبرين قبله، وهذا بغض النظر عن قدراتهم الهائلة، ولكن خطأ فادحا واحدا يكفي لانهاء المستكبرين، خطأ نابليون الفادح كان الحرب على روسيا، وكذلك خطيئة هتلر، رغم كل فتوحاتهما وانجازاتهما … الخ.
لعل حديثه وموقفه عن غزة سيعجل في نهايته ان شاء الله…
وكذلك وصل النفوذ الاميركي الى تفاصيل الحياة اللبنانية والى تسمية وزير واحد، بوقاحة غير معهودة وباستخفاف، سببه الرئيسي الخلافات اللبنانية السخيفة، والانقسامات المرتكزة على الانانيات والكبرياء وما الى ذلك، لكن الوقاحة الكبرى صدرت عن تلك المبعوثة الجديدة (مورغان اورتاغوس) التي لا تستحي بأن تحمل في اصبعها خاتما عليه نجمة داوود، وتقدم الشكر لاسرائيل لانها “هزمت” حزب الله، كما زعمت، من منبر رئاسة الجمهورية، هنا التحدي الكبير للرئيس عون وسلام وللجهات التي تزعم الحرص على السيادة، ماذا سيكون موقفهم من هذه الوقاحة الترامبية الاميركية، التي تجاوزت كل الحدود؟، ان البيان الذي صدر عن رئيس الجمهورية هام، ولكنه لا يكفي للرد على هذه الوقاحة المتمادية، الرد الحقيقي ان يتم تشكيل الحكومة خلال ساعات، بالشكل الذي تم عليه الاتفاق قبل الخلاف الاخير، وان يتم الاتفاق على تفسير واحد للقرار 1701 يقطع الخلاف الذي تتدخل من خلاله اميركا في شؤوننا… الخ.
وفي سياق الحديث عن موقف ترامب من غزة نتساءل: اين كان السعوديون والمصريون والاردنيون والسلطة الفلسطينية، اين كانوا جميعا ازاء حرب الابادة، ولماذا ارتفعت اصواتهم في مواجهة تهجير اهل غزة؟ لماذا صمتوا ازاء الابادة وارتفعت اصواتهم ضد التهجير والتطهير العنصري: هل التهجير جريمة اكبر من الابادة؟ اننا مع اعترافنا بأهمية هذه المواقف، لكننا نتساءل هل هم حريصون على غزة واهلها، أم هم خائفون على كراسيّهم ومصالحهم؟ نتساءل بحرقة عن هذا الامر مع اعتقادنا ان هذه الانظمة مرتبطة بأميركا اكثر من ارتباطها بشعوبها ومصالحهم.