فلسطينيو لبنان يطالبون الحكومة بإنصافهم في البيان الوزاري والتأكيد على رفض التوطين

13/2/2025

على شاكلة اللبنانيين، يتطلع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بتفاؤل كبير إلى تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة القاضي نواف سلام، التي أُطلق عليها “حكومة الإصلاح والإنقاذ”، وعقدت أولى اجتماعاتها في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس جوزيف عون، وشكّلت لجنة لصياغة البيان الوزاري، الذي يُعتبر خارطةَ طريق لعمل الحكومة في المرحلة المقبلة.

ومنذ عقود طويلة، يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من حرمانهم من الحقوق المدنية والاجتماعية، وفي مقدمتها حقُّ التملّك والعمل، ويعيشون في 12 مخيمًا، إضافةً إلى تجمعات غير رسمية، تتشارك جميعها الفقر المُدقِع والبؤس الشديد، بعدما تراجعت خدمات وكالة الأونروا المسؤولة عن رعايتهم وتشغيلهم، عن تلبية جميع احتياجاتهم الضرورية.

(الجزيرة مباشر)

آمال بتضمين الحقوق في البيان الوزاري

وتواجه حكومةُ رئيس الوزراء سلام نواف تحدياتٍ جمّةً باعتبارها المُخلِّصَ من الأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية التي يغرق بها لبنان منذ سنوات، والتي أُضيفت إليها تداعياتُ الحربِ الإسرائيلية وتحدّي الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، وتطبيق القرار 1701 وإعادة إعمار ما تمّ تدميره، ويأمل الفلسطينيون أن يتضمّن البيانُ الوزاري فقرةً خاصةً عنهم لبدء حوارٍ رسميٍّ لبناني فلسطيني، وإقرارِ الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين.

التمسّك بحق العودة

ويطالب الفلسطينيون بأن يتضمّن البيانُ الوزاري فقرةً خاصةً تؤكّد رفض التوطين، تمسّكًا بحق العودة، وفق ما جاء في خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية جوزيف عون بعد انتخابه في مجلس النواب (9 يناير/كانون الثاني 2025)، الذي أكّد فيه التمسّك بـ”مبدأ رفض توطين الإخوة الفلسطينيين حفاظًا على حقّ العودة، وتثبيتًا لحلّ الدولتين الذي أُقرّ في قمة بيروت، وفقًا لمبادرة السلام العربية”.

وتؤكّد أوساط فلسطينية مسؤولة لـ”الجزيرة مباشر” أهمية تضمين البيان الوزاري هذه الفقرةَ الخاصة، إذ إنها تقطع الطريق على تصفية القضية الفلسطينية، وشطب حق العودة، وفرض التوطين، ردًّا على الخطة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، والمساعي الإسرائيلية لتقويض السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وفرض سلطتها عليها، وطرد الفلسطينيين منها، فضلًا عن محاولات فرض توطين اللاجئين في دول الشتات، وتحميل الدول المضيفة مسؤولية رعايتهم بديلًا عن وكالة الأونروا.

(الجزيرة مباشر)

الأونروا في دائرة الاستهداف

وتتعرّض وكالة الأونروا لأشرس هجوم إسرائيليّ منذ نشأتها، بلغ ذروته بعد عملية “طوفان الأقصى“، التي نفّذتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضد مستوطنات غلاف غزة، حيث أقر الكنيست الإسرائيلي قرارا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بحظر عمل الأونروا في مناطق السيطرة الإسرائيلية، وأوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المساعدات المالية التي تقدّم للمنظمة الأممية، التي تقدر بنحو 350 مليون دولار، أي ثلث موازنتها السنوية تقريبًا، بهدف إنهاء عملها والقضاء على الشاهد الحيّ على نكبة فلسطين.

اللجان الشعبية الفلسطينية

وطالب أمين سر “اللجان الشعبية الفلسطينية” في لبنان، سرحان يوسف، في تصريحات لـ”الجزيرة مباشر”، أعضاءَ لجنة صياغة البيان الوزاري بعقد اجتماع مع القوى الفلسطينية من أجل الاستماع إلى هواجسها ومطالبها، والاطّلاع على واقع المخيمات، وخصوصا أنّ الفلسطيني في لبنان، أثبت وقوفه على الحياد الإيجابي أثناء الأزمات والخلافات الداخلية، وأنّه عامل أمن واستقرار خلال الأحداث الأخيرة في المنطقة.

وقال يوسف “نُهنّئ لبنان وشعبه على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة العتيدة، ونتمنّى لها النجاح في عملها بما يُسهِم في تعزيز الاستقرار والتعافي وتحقيق طموحات الشعب اللبناني. ونأمل أن يتمّ فتح حوار رسميّ لبناني فلسطيني يُنظّم العلاقة بين الطرفين، في أجواء من الأخوّة والحرص المتبادل على المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين اللبناني والفلسطيني”.

(الجزيرة مباشر)

الجبهة الديمقراطية

بدوره، كشف عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومسؤولها في لبنان، يوسف أحمد، لـ”الجزيرة مباشر”، عن اتصالات مكثفة أجرتها قيادة الجبهة الديمقراطية في لبنان خلال الأسابيع الماضية مع عدد من الكتل البرلمانية والقيادات السياسية اللبنانية، إذ لمس تفهمًا واسعًا لواقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومعاناتهم الإنسانية والمعيشية، وحرصًا على تنظيم العلاقة الأخوية بما يضمن لهم حقوقًا إنسانية تحفظ كرامتهم، ضمن إطار الموقف اللبناني الثابت الداعم لحق العودة والرافض للتوطين، كما أكده رئيس الجمهورية اللبنانية في خطاب القسَم.

وأكد أحمد حرص الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية على بناء وتعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين. وأوضح أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هم ضيوف قسريون بفعل النكبة والتهجير، وهم أصحاب قضية عادلة، يخوضون نضالهم من أجل العودة إلى ديارهم، مشيدًا بموقف لبنان وشعبه في احتضانهم ودعم حقوقهم الوطنية.

وأشار أحمد إلى العلاقة التاريخية العميقة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، التي تتطلب حوارًا وتنسيقًا مستمرًّا لمواجهة الأخطار المشتركة، لا سيما المخططات الأمريكية الإسرائيلية الهادفة إلى التوطين والتهجير، التي تهدد استقرار المنطقة برمتها.

وأعرب أحمد عن ارتياحه لإنجاز الاستحقاقين الرئاسي والحكومي في لبنان، متمنيًا أن يكون ذلك خطوة نحو الاستقرار والتعافي، لما له من انعكاسات إيجابية على اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين، وعلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الشعبين.

وأكد حرص اللاجئين الفلسطينيين على أمن لبنان واستقراره، والتزامهم سياسة الحياد والنأي بالنفس عن التجاذبات السياسية اللبنانية، وأنهم تعاملوا بمسؤولية مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها في معالجة مختلف الملفات.

(الجزيرة مباشر)

وأكد أحمد أن حماية حق العودة وصون هوية اللاجئين والحفاظ على المخيمات تُشكّل مصلحة مشتركة فلسطينية لبنانية في مواجهة أخطار التصفية، وإفشال مشاريع التوطين والتهجير.

ودعا الحكومة اللبنانية والكتل النيابية إلى أخذ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها اللاجئون الفلسطينيون بعين الاعتبار، وضرورة فتح حوار رسمي لبناني فلسطيني جاد ومستدام لمعالجة مختلف القضايا والملفات بروح إيجابية ومسؤولية مشتركة، مستندًا إلى وثيقة “الرؤية اللبنانية” الصادرة عام 2017.

كما طالب الحكومة اللبنانية بإدراج فقرة في البيان الوزاري تؤكد التزامها بتحسين الأوضاع الإنسانية والقانونية للاجئين الفلسطينيين، من خلال تشريعات قانونية في مجلس النواب تعالج الغبن الذي يعانونه، وخصوصًا في ما يتعلق بحقوقهم في العمل والتملك وحرية التعبير والعمل السياسي، إضافة إلى استكمال إعمار مخيم نهر البارد.

وأكد أحمد أهمية العمل اللبناني الفلسطيني المشترك لمواجهة الضغوط الإسرائيلية الأمريكية التي تستهدف وكالة الأونروا، وضمان استمرار دعمها وتمويلها لتوفير الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.

المصدر : الجزيرة مباشر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى