الشيخ ماهر حمود من مسجد القدس: ينتقد بشدة الدعوات لنزع سلاح المقاومة

صيدا – في خطبة الجمعة التي ألقاها من على منبر مسجد القدس في صيدا، عبّر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود عن استغرابه الشديد من الخطاب السائد في الذكرى الخمسين لـ”باص عين الرمانة”، مشيراً إلى أن “الجهات التي ارتبطت تاريخيًا بالعدو الصهيوني والمؤامرة الكبرى، تتفاخر اليوم بما ارتكبته، بل وتصف نفسها بالمقاومة، بينما أولئك الذين وقفوا إلى جانب المقاومة الفلسطينية، يعتذرون وينأون بأنفسهم عن الحرب، وكأنهم هم الجناة الحقيقيون في الحرب اللبنانية”.
وأكد الشيخ حمود أن “جذور الحرب اللبنانية تعود إلى عمق التاريخ”، مستعرضًا محطات تاريخية مثل الهجرة المارونية إلى جبال لبنان هربًا من الحكم الإسلامي، والدور الذي لعبه الإمام الأوزاعي في حماية الجراجمة، وكذلك موقف الأمير عبد القادر الجزائري في الدفاع عن المسيحيين في مجازر عام 1860، ليؤكد أن “التراث الإسلامي، برغم كل الأخطاء السياسية لاحقًا، رسّخ العيش المشترك لا الصدام الطائفي”.
وشدّد الشيخ حمود على أن “نظام القائمقاميتين والمتصرفية، ثم إعلان دولة لبنان الكبير، كلها مراحل ساهمت في زرع جذور الانقسام الطائفي، حيث نشأت عقدتان متقابلتان: الخوف لدى المسيحيين، والغبن لدى المسلمين”، مشيرًا إلى أن هذه التراكمات مهّدت لحربٍ استُثمرت فيها المؤامرة الخارجية.
ولفت إلى أن “المؤامرة الأميركية-الإسرائيلية كانت واضحة في توجيه مجريات الحرب، عبر زرع أوهام لدى المسيحيين حول مشروع التوطين، وتحريض الفلسطينيين على قتال داخلي تحت شعار (طريق القدس تمر من جونية)، وهي شعارات خطيرة أدت إلى تعميق الشرخ الداخلي”.
وفي مقاربة نقدية شجاعة، قال حمود: “الجميع أخطأ. لكن هناك فرقًا بين من أخطأ عن حسن نية ومن ارتكب الجريمة عن سابق إصرار وتنسيق مع العدو”. وأشار إلى أن “من تعامل مع إسرائيل منذ الخمسينيات، كما في حالة بعض زعماء الموارنة، لا يمكن مساواته بمن وقف مع المقاومة الفلسطينية رغم تجاوزاتها”.
وفي هذا السياق، استذكر الشيخ حمود مواقف شخصيات مارونية بارزة كانت تنظر للبنان كدولة مارونية خالصة في مقابل الكيان الصهيوني، مؤكداً أن “هذه الطروحات لم تُمثل كل المسيحيين، وأن كثيرًا من القيادات المسيحية تراجعت عن تلك التوجهات، كما حدث مع إميل إده والمطران عريضة”.
وانتقد الشيخ حمود بشدة الدعوات لنزع سلاح المقاومة، قائلاً: “إن نزع السلاح اليوم ليس إلا استكمالاً للمشروع الصهيوني، وهو تغاضٍ مريب عن جرائم الاحتلال اليومية في غزة والضفة والجنوب، وضرب لكل قيم العدل والسيادة والكرامة”.
وأشاد في المقابل باعتراف مسؤول القوات اللبنانية السابق أسعد الشفتري بأخطاء الماضي، واصفًا خطوته بأنها “خطوة جريئة لم يقدم عليها كثيرون ممن شاركوا في الحرب من الطرف الآخر”.
وختم حمود خطبته بالتأكيد على أن “الاعتذار يجب أن يكون ممن ارتبط بالمشروع الصهيوني، لا ممن ساند المقاومة”، داعيًا إلى “بناء لبنان الجديد على أساس مقاومة المشروع الصهيوني، لا على أنقاض الذاكرة النضالية التي كتبها الشعب اللبناني والفلسطيني بالدم والكرامة”.